مورينيو وريال مدريد " الجزء الأول "


اتصل خوسيه انخيل سانشيز ببداية عام 2007 بوكيل الأعمال الشهير ، البرتغالي خورخي مينديز وكان سؤاله عن : بيبي مدافع بورتو .
كانت إدارة ريال مدريد معجبة ببيبي وكانت بداية التعاون مابين ريال مدريد وخورخي مينديز وبالنهاية اتفقوا على انتقال بيبي مقابل “30” مليون يورو وليكون ثالث أغلى مدافع بالتاريخ حينها بعد فيرديناند ونيستا .
تلك الصفقة كانت عبارة عن " انتقال " أعمال مينديز إلى إسبانيا وبذات الوقت بداية العلاقة مع ريال مدريد .
وفعلًا ، لم يتأخر تواصل خورخي مع ريال مدريد من أجل مورينيو ، ذلك التواصل بدء بموسم مورينيو الثالث بتشيلسي .

كالديرون رئيس مدريد حينها قال بأن خورخي قال له : " بمجرد أن تتعرف عليه فلن تفكر بجلب أي شخص أخر ، إذا كنت تريد البقاء فترة أطول في مدريد فعليك جلب أفضل مدرب في العالم "
وفعلًا حاول خورخي تنظيم اجتماع سري بين مورينيو وإدارة ريال مدريد في شاليه على مشارف مدريد ، كان سانشيز مقتنع بالفكرة تمامًا مع مياتوفيتش المدير الرياضي للنادي حينها .
لكن كالديرون رفض الاجتماع قائلًا لمياتوفيتش : " لن تدوم دقيقة واحدة أمامه ، هذا الرجل سيجعلنا مجانين بسبب طلباته "
كان كالديرون واضح بإنه لا يريد مورينيو ، لم يقل الأسباب للإدارة ، لكن كان واضح بإنه لا يريد مدرب دفاعي يصيب الجمهور بالملل وقال لهم : " مورينيو عبارة عن كابيلو الشاب " .

بتلك الفترة كان خورخي يتفاوض مع جهة ثانية تريد مدرب جديد وهم : برشلونة .
كان فيران سوريانو المدير التنفيذي الحالي للسيتي موجود في برشلونة كنائب للرئيس الاقتصادي للنادي وكان عبارة عن حلقة الوصل مابين برشلونة ومورينيو .
يقول سوريانو : " كان رايكارد مدرب الفريق حينها ، كنا نحبه كثيرًا لكن شعرنا بإن وقته قد انتهى هنا في برشلونة ، قدم مواسم ممتازة معنا لكن بدء المستوى بالهبوط وحين ينخفض مستواك 5% فقط بمؤسسة كبيرة فأنت أمام كارثة كبرى وفعلًا قررنا التغيير ، مورينيو كان بدون نادي بعد رحيله عن تشيلسي بيناير لكن شعرنا بإنه يجب أن ينتهي الموسم مع رايكارد واعطاء المدرب الجديد فترة تحضيرية حتى يبتعد عن الضغط "
كانت القائمة تشمل : " فالفيردي ، لوران بلان ، مورينيو ، غوارديولا " وتقلصت القائمة إلى " مورينيو وغوارديولا فقط "
رحل تشيكي بيغريستين المدير الرياضي للنادي حينها نحو لشبونة واجتمع مع مورينيو وكان معجب به لكنه كان واضح :" الكلمة الأخيرة ستكون لكرويف "
كانت قيمة كرويف بالنادي كبيرة ويعتبر بمثابة الوحي لبرشلونة .

مورينيو اتصل بلابورتا وطالبه بلقاء كرويف ، وقال له " لقاء واحد مع كرويف سيجعله يختارني "
لكن رفض كرويف اللقاء واختار : " غوارديولا "
حينها اتصل مورينيو بالنادي وقال لهم بإنهم ارتكبوا خطأ كبير بعدم تعيينه .

يقول سوريانو :
" قمنا بدراسة ملف الاثنين لفترة ، وشعرنا بالنهاية بإن غوارديولا أفضل لنا ، مورينيو مدرب رائع لكن شعرنا بأن غوارديولا سيكون أفضل للنادي ، كان معيارنا الأول هو من يفهم النادي أكثر ، مورينيو كان يملك معرفة قوية بالنادي لكن غوارديولا كان يفهم النادي أكثر ، كنا ندرك بأن مورينيو رجل فائز أكثر من بيب حينها لكن شعرنا بأن مورينيو كان مستعد لخلق توتر من أجل الفوز وهذا التوتر سيؤدي بالنهاية لمشاكل ، نعم كان توتر إيجابي لكننا لم نكن نريد مثل ذلك التوتر "

بكتاب عظيم جدًا لسوريانو عام 2010 يدعى The Ball Doesn't Go In By Chance ويتحدث عن أفكار عظيمة لإدراة نادي كرة قدم ، تحدث بفقرة بالكتاب عن المبادىء لاختيار غوارديولا وكانت :
- يحترم نموذج الإدارة الرياضية ويحترم عمل المدير الفني .
- أسلوب لعبه .
- يقدر قيمة ترقية لاعب من الشباب ويهتم بتطوير الشباب .
- أسلوب تدريبه .
- يضع خطة استباقية لإدارة غرفة الملابس .
- يتجنب الافراط بالحديث مع وسائل الإعلام .
- لديه خبرة كلاعب وكمدرب بالنادي .
- يدعم القيمة الأسمى بالنادي .
بعد تعيين غوارديولا بدأت الصحافة الإسبانية بتبني فكرة بأن تعيين غوارديولا هو إنطلاقة لتسييس الرياضة في البلاد وشعر قسم من جمهور مدريد بإن غوارديولا رجل محرض ضد إسبانيا ومن الداعمين لكاتلونيا .

وجود غوارديولا خلق ثورة كبيرة في إسبانيا رياضيًا واصبح برشلونة مسيطرًا ليس فقط على الدوري ، أصبح مسيطرًا على أوروبا والمنتخب وشعرت مدريد بإنها أصبحت الطرف الصغير ، تلك الأحداث أدت لإستقالة كالديرون ورحيل شوستر وعودة بيريز الذي عاد وفتح تحقيق حول ماحدث ووصلت النتائج بإن النادي كان يعاني من فضيحة بنتائج الانتخابات حين تم تعيين كالديرون لكن الأدلة أثبتت بأن كالديرون كان ضحية ايضًا وبإنه ليس مشارك بعملية التلاعب .
عاد بيريز لمدريد ، الرجل الذي وضعته فوريبس بعام 2010 بإنه يحتل المركز العاشر بين أغنياء إسبانيا ، كان لديه قوة سياسية كبيرة ، الرجل الذي رحل عن مدريد بفترته الأولى واصفًا لاعبيه " أخطأت حين قمت بإشباع أطفال مدللين " .
حاول سانشيز ادخال فكرة جلب مورينيو للنادي لكن مورينيو حينها كان يريد الاستمرار لموسم ثاني مع الانتر .
بينما كان هدف بيريز الأول هو فينغر وحين فشل باقناعه حاول جلب أنشيلوتي وفشل ايضًا ، هنا ظهر فالدانو ، اليد اليمنى حينها لبيريز واقنعه بجلب بيلغريني وفعلًا تم جلب بيلغريني كمدرب للنادي .
بدء الموسم وسانشيز كان مصر على جلب مورينيو بنهاية الموسم حتى قال أمام أصدقائه بأحد المرات : " أنا أحب مورينيو ، إنه ساحر "

لكن فالدانو كان مصر على حماية بيلغريني ، تعرض حينها بيلغريني لحملة انتقادات وتشهير كبيرة من الصحافة المدريدية بعد الخروج من دور الستة عشر للأبطال وكانت تلك الحملة مدعومة من بعض الشخصيات داخل النادي ، واجتمعت الإدارة ، سانشيز حينها قال :
" بيلغريني ضعيف وهش الشخصية لدرجة بإنه لا يتحمل قسوة وظيفة مدرب ريال مدريد " ، ثم نظر لبيريز وقال له " بيلغريني بحاجة حماية لإنه ضعيف والرجل القوي لا يحتاج حماية "
يعتبر سانشيز الرجل الذي نهض بمدريد وجعله أغنى نادي بالعالم منذ 2000 ، رجل ذكي جدًا ويدير كل شيء في النادي ، كل شيء حرفيًا ، من أصغر التفاصيل لأكبرها ، بيريز حين عينه عام 2000 كان عمره 32 سنة وكان يمهد سانشيز ليكون أقوى مدير في كرة القدم الإسبانية .

كيف بإمكاني شرح سانشيز لكم ؟
هو صديق بلاتيني ورومينغيه ، صديقي غالياني ، صديق راؤول ، صديق رئيس شركة فولكس فاغن ، صديق خاومي روريس ، صديق تيباس والوزراء في الحكومة والعديد من رجال الأعمال بكافة المجالات ، كانت روح الدعابة التي يمكلها مع ذكائه طريق له في كل شيء .
ولهذا نراه مع كالديرون وبيريز مرتين .

و قرر سانشير أن يفتح خطين :
- الأول : بينه وبين خورخي مينديز .
- الثاني : بين بيريز ومورينيو وهو الوسيط .

كان هناك حديث خلال الاجتماع بإن مورينيو ليس " سوبر " تكتيكيًا ، وهو ما أغضب سانشيز وقال :
" لا أعرف مقدار معرفة مورينيو بكرة القدم ، لكن الرجل الذي لم يخسر مباراة على ملعبه منذ ست سنوات ، إذا لم يكن يعرف عن كرة القدم فهو يعرف كل شيء عن الطبيعة البشرية ، شاهدوا مباراته الأخيرة مع تشيلسي حين ذهب لامبارد وتيري له لاحتضانه ، هذا ليس طبيعي ، قادة الفريق كانوا معه ضد المالك "
كان سانشيز ذكي جدًا بالتسويق ، وكان قد شعر بأن جلب رجل يخلق جدل مثل مورينيو لنادي بقيمة ريال مدريد وهو اكثر نادي شعبية في العالم سيفتح مجال اقتصادي مخيف للنادي ولإسبانيا كلها ، ادرك سيد التسويق الأول في إسبانيا بإن هناك إمكانيات لم يستغلها أحد في عالم الرياضة .
وصل برشلونة حينها لنصف نهائي الأبطال والخصم هو الانتر ، سانشيز كان هو المسيطر على عقل بيريز بفكرة مورينيو وكان مصّر على أن مورينيو هو من سيتأهل ، وهذا ماجعل بيريز ينظر لمورينيو بإنه يملك لمسة آلهية وبإنه بحال استطاع اخراج برشلونة " فريق الأحلام " من البطولة سيكون مدرب الفريق وسيكون الرجل الذي منع برشلونة من التتويج بدوري الأبطال بالسانتياغو ، كان فالدانو يشعر بالخيبة حينها بسبب فشل بيلغريني أوروبيًا .
فالدانو كان الرجل الذي يعتقد بأن بيريز وسانشيز لا يفهمون شيء بكرة القدم وبإن هدفهم بكرة القدم هو هدف تجاري فقط .

كان سانشيز يقول :
" لديه ذكاء لم أره في عالم كرة القدم ابدًا ، كان يتوقع ماسيحدث في كل مباراة ، كان يعرف ماذا سيحدث بعد ربع ساعة أو نصف ساعة أو ساعة ، ساحر ، مورينيو ساحر "
لم يتكلم ابدًا سانشير عن أسلوب وتكتيك مورينيو أو عن أي شيء ، حين كان يتم سؤاله عن الموضوع الرياضي كان يقول " ألقابه تجيب عن سؤالك " .
تأهل الانتر للنهائي من الكامب نو ، وفورًا تم اغلاق الصفقة مع مورينيو ، مورينيو كان مدربًا للريال قبل النهائي .
نظر جمهور ريال مدريد لمورينيو بإنه الرجل الموعود ، بطلهم ، المنقذ الذي سيأتي ويحاول ايقاف برشلونة ، الرجل الذي سيعيد مدريد للواجهة ويتحدى برشلونة ، الرجل الذي لا يخاف برشلونة والأهم : الرجل الذي أخرج برشلونة .

لا يوجد في الحياة أجمل من قصة البطل الفائز التي تنتهي بطريقة جميلة ، هل يوجد ؟
كتب جيمس فريزر بكتابه الأيقونة The Golden Bough شيء مهم :
" هل تريد المزيد من العضلات ؟ عليك تناول اللحم ، هل تريد أن تطير ، عليك بتناول الطيور ، هل تريد النجاح ؟ اربط نفسك بشخص ناجح ، ألمسه ، أطلب توقيعه "
ومورينيو كان بتلك اللحظة هو : " الرجل الناجح "
" أنا لست بساحر ، أنا مدرب كرة قدم ولست هاري بوتر "
تلك كانت كلمات مورينيو بعد تعادله مع مايوركا .
هاري بوتر هو نظام تجاري كبير ، سانشيز يدرك ذلك ، حين تعاقد مدريد مع الظاهرة رونالدو قال سانشيز بأن تأثير رونالدو اقتصاديًا يعادل تأثير هاري بوتر اقتصاديًا .

اتبع سانشير نظام ديزني حين قاموا بترويج فيلمهم " Lion King " درست حينها ديزني مفهوم كان قد وضعه البروفيسور هال فاريان كبير اقتصادي شركة غوغل والمتخصص في اقتصاديات المعلومات ، طورت مفهومه ووضعت خطة على الفيلم كانت كالتالي :
- نعرض الفيلم بالسينما ، ثم نعرضه على خطوط طيران الركاب ، ثم نصدر DVD للفيلم ، بعد ذلك نبدء بمقالات عن الفيلم ، ثم نصدر الألعاب ثم ندخل عالم الالكترونيات ثم نضع صور الشخصيات على المنسوجات والاثاث وعلينا الاستفادة من الفيلم بمجال الموسيقى .
سانشيز بكل بساطة أوضح بأن ديزني منتجة محتوى ونحن منتجين محتوى ، بيكهام وزيدان وفيغو ورونالدو كانوا عبارة عن شخصيات بفيلم كرتوني وعلينا الاستفادة منهم ، بدأت الشركات تتعاون مع مدريد ، اصدر مدريد لعبة الكترونية ، صفحة النادي بها منتجات عن النجوم ، معسكرات في آسيا وبالنهاية فيلم : Real : The Movie ، يشرح كل شيء .