بإختصار مشروع السوبرليغ


إذا كان هذا الإنسان مادةً للسخرية والضحك والشماتة عند البعض فلِماذا تمكن من سلب ليو خمس كراتٍ ذهبية؟ لِماذا زاحمه على البطولات والألقاب وتخطاه بالأرقام، رونالدو بكى بعد الإقصاء من كأس العالم ولم يبكي بسبب خسارته في الكوبا أمام تشيلي. حين حققت البرتغال اليورو قالوا : لولا هدف إيدير لما انتصرت البرتغال، أما حينَ تحقق الأرجنتين اللقب بفضل هدف دي ماريا فالفضل الأول والأخير حينها يعود إلى ميسي، علماً ويا سبحان الله أسباب الفشل تكون بفضل الخشبات العشرة والنجاحات بفضله.

من منكم يجرؤ على فكرة النقاش حتى حول الظاهرة رونالدو؟ ورغم ذلك لم يحقق دوري الأبطال، باولو مالديني دي ستيفانو زيكو سقراط وحتى يوهان كرويف لم يحققوا كأس العالم ورغم ذلك لا جرأة لكم على التقليل من شأنهم ومن كونهم اساطير في كرة القدم، لكن حين يتعلق الأمر برونالدو فالأمر مختلف. حين احتاج الريال للأهداف أمام فولفسبورغ والبايرن واليوفي وباريس، هناك من لبا النداء وظهر كالبطل، وحين كان برشلونة يبتعد عن نهائي الأبطال بهدفٍ واحدٍ في أنفيلد أو الأولمبيكو او الفيسينتي كالديرون هناك من أختفى واكتفى بِ طأطأة وحك مؤ،.خرته.

هناك من يبكي ويتستر تحت قرار الاعتزال، وهناك من يبكي ثم يخرج للعلن، والتاريخ سيشهد أن هذا الذي يضحكون عليه ويسخرون منه، تفوق على أسطورتهم بعدد الأهداف في دوري الأبطال وألقابها، وبعدد الأهداف الدولية وألقابها! إذا كان كأس العالم مباعاً للارجنتين من أجل ليو كما يروج البعض فالأجدر إذًا أن يُباعَ لفرنسا التي يقودها مبابي، مبابي الذي تدخل أمير قطر في قضيته وفعل الخليفي المستحيل من أجل إرضائه وفرشوا له الأرض مالًا وذهبًا.

إذا كان كأس العالم يباع ويشترى فعلى الأقل كان على قطر الشراء من أجل بلوغ الدور الثاني على الأقل، خصوصًا وأنهم دفعوا ما يربوا عن 200 مليار يورو من أجل تنظيم هذا الحدث. إذا كان بالإمكان شراء البطولة فكان من الأجدر لإنكلترا مثلًا شراء البطولة فرغم الوضع الاقتصادي الذي تمر به إلا أنه أفضل بملايين المرات من وضع الارجنتين المزري والمروع.

نعم الأرجنتين دفعت، دفعت التضحيات الخارقة من رودريغو دي بول الذي كان يأكلُ عشب الملعب حرفيًا في كل لقاء، دفعت تضحياتٍ وأداءٍ أسطوري من حارسها داميان مارتينيز، وصناعة وحسمٍ من ليو وجوليان ألفاريز ورجل النهائيات دي ماريا. أما عن ميسي : فهو كان الملهم والمرشد والقائد والبوصلة لهم، قاتلوا إلى جانبه من أجله أولًا ومن أجل وطنهم ثانيًا، كانوا مثل الجنود في حربٍ يقودها الملك، الجميع يريد أن يقاتل إلى جانبه من أجل نصره وسعادته، قاتلوا من أجل شعبٍ يعيش الكثيرون فيه تحت خط الفقر.

أنا لم أكُن مشجعًا يومًا للارجنتين وميسي ولن أكون، ولكن الحق يجبُ أن يقال ( رُغم مرارته ) الارجنتين في هذهِ النسخة تحديدًا أثبتت أن الأسماء وعمق التشكيل والفلسفة الكروية والتكتيك كلها أمورٌ لا تساوي شيئًا حين تلعب إلى جانب ميسي وترى في كل لقاءٍ أنه معركةٌ كفيلةٌ أن ترفع شيئًا من الحُزن والكدر عن قلوب أبناء شعبهم ووطنهم، الارجنتين استحقت رغم أنني لم أتمنى البطولة لهم! فقط جماهير الأندية الإنكليزية من يحق لها الاعتراض ورفض مشروع السوبرليغ، فحين يتمكنُ نادي مثل بورنموث من مزاحمة الكبير ميلان ودفع مبلغٍ أكبر منه نظير انتقال نيكولو زانيولو الذي رحل أخيرًا إلى غلطة سراي فتلك مصيبةٌ وطامة كبرى.

حين نرى برشلونة يرهن حاضرة ومستقبله في مقامرةٍ غير مضمونة العواقب واستعداد اليوفي لبيع مهاجمه الأبرز دوشان فلاهوفيتش ويجبرُ الإنتر على بيع حكيمي ورحيل ميلان شكرينيار مجانًا لعدم قدرتهم على تلبية مطالبة المالية وقد يفعلها لياو مع الميلان، فالوضع إذًا تخطى مرحلة الخطر. بيريز ومن خلفه لابورتا وإدارة اليوفي لا يبحثونَ عن مجدٍ شخصي ولا إرث، لا يفكرون في الشهرة أو تحقيق الأرباح لجيوبهم الشخصية، فلورنتينو نظر للمستقبل وللوضع الراهن قبل الجميع، والآن ها نحن نرى ما يفعله المليارديرات مثل تود بولي والجلايزر أو الدول النفطية ( اللهم لا حسد ).

نحن الآن يا أحبتي في زمانٍ مختلفٍ كل الاختلاف عن ولاء مالديني وراؤل وتوتي وديلبيرو وجيرارد ومن على شاكلتهم من المحاربين، نحن الآن في وقتٍ تقدم فيه المال على الولاء والحب بل وأحلام الطفولة، ولأن المال بات المتحكمَ في 99% عقلية اللاعبين وأفكارهم فذلك يدعوا الأندية خارج إنكلترا لدق ناقوس الخطر بالإضافة للأسباب التي ذكرتُها أنفا. والآن، أمامنا طرقٌ ثلاثة لا رابعة لهم : إما أن يقسم نتاج البقرة الحلوب الخاضعة لسلطة الـUEFA بالطريقة المناسبة التي من شأنها أن ترفع وتضاعف وتزيد المداخيل والعوائد، وإما أن تكبح جماح وحوش المال وتضع سياسةً معينةً للإنفاق والصرف بعيدًا عن هراء قانون لعب المال النظيف الذي يطبق حسب المزاج، وإما أن يدعوا الأنية صاحب المشروع تمضي بمشروعها دون عوائق ولا صياح ولتتحمل تلك الأندية حصاد ما زرعت. بيريز الآن في عمر الـ75 ولابورتا في سن الـ60 والإثنين يمتلكون أموالًا تكفيهم لاحفاد احفادهم ولكنهم يفكرون في مستقبل أنديتهم لإنهم يمتلكون مالا يمتلكهُ غيرهم من أصحاب المصالح الشخصية والمجد والشهرة، يمتلكون ( الضمير ) حتى يذكرهم التاريخ ونذكرهم نحن كما نذكر الأسطورة والقائد المُلهم الدون سنتياغو برنابيو!